بالوضيعة فالاقالة وإن كانت فاسدة واقعا ولكن يستكشف منها أن المشتري قد أذن للبايع في بيع الثوب، سواء أكان أقل من الثمن الأول كان مساويا له أم زائدا عليه، غاية الأمر أن اعطائه للبايع بعنوان الإقالة مع الجهل ببطلانها مع الوضيعة فباعه البايع لنفسه متخيلا أنه ملكه، فتكون ذلك من قبيل الخطأ في التطبيق.
ودعوى أن البايع لم يقصد كون البيع للمشتري فيبطل من هذه الناحية دعوى فاسدة، لما ذكرناه في الجزء الثالث أن حقيقة البيع إنما هي اعتبار تبديل شئ بشئ في جهة الإضافة واظهاره بمظهر خارجي من اللفظ وغيره، ولا شبهة في تحقق هذا المعنى بدخول العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه وبالعكس بلا احتياج إلى تعيين مالك الثمن تعيين مالك المثمن، إذ لم يقم عليه دليل عقلي أو نقلي، وعليه فتعيين العوض والقصد إليه يغني عن تعيين المالك والقصد إليه، ولا يفرق في ذلك بين صدور العقد من نفس المالك أو من غيره.
وبتعبير آخر أن اقتران العقد بالرضا وإن لم يخرج العقد عن الفضولية كما عرفت آنفا، ولكن وجود الإذن السابق على العقد يخرجه عن الفضولية، ولا شبهة في وجوده في مورد الرواية للقرينة عليها منها، وهي أن الرواية قد دلت مطابقة على أن المشتري قد أذن لشخص البايع في أخذ الثوب بالوضيعة، ودلت بالدلالة الالتزامية على جواز الأخذ لغير البايع أيضا إذ لا فارق بينهما في ذلك جزما بل قد يكون بيعه من غير البايع أولى وأرضى، لأن المشتري لما رضي رده على البائع بوضيعة رضي بيعه من غيره بأكثر من ثمنه الأول بالأولوية القطعية، والمفروض في مورد الرواية أن البايع قد باع الثوب بأكثر من ثمنه فيكون هذا البيع مرضيا للمشتري قطعا.