وعليه فإذا صدر عقد من العبد من دون رضاء سيده لم يتصف ذلك بمجرد صدوره بدون إذن المولى بالاستقلال لكي يلزم من لحوق الإجازة به الانقلاب المحال، بل اتصافه بالاستقلال مراعي بعدم لحوق الرضاء وإذا اقتضت العمومات والاطلاقات صحة عقد العبد مع الرضاء اللاحق حكمنا بها من دون استلزامه الانقلاب المحال.
وكيف كان يمكن الجواب عن المناقشة المذكورة بأن العقد الصادر من العبد له جهتان: جهة الانشاء وجهة المنشأ، ومن الواضح أن المحتاج إلي إذن المولى إنما هو المنشأ أعني به الاعتبار النفساني المبرز بمظهر خارجي دون الانشاء، أعني به ابراز ذلك الاعتبار النفساني.
ويدل على صحة ذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة المتقدمة:
المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا بإذن سيده، ووجه الدلالة هو أن الطلاق والنكاح ليسا مجرد الانشاء، بل الطلاق عبارة عن اعتبار حل العلقة المبرز بمظهر خاص خارجي، والنكاح عبارة عن اعتبار العلقة الزوجية في صقع الذهن المبرز بمظهر خارجي.
وعليه فشأن ما نحن فيه شأن ما ثبتت في محله، من أن صحة نكاح بنت الأخ وبنت الأخت متوقفة على إجازة العمة والخالة، فإن المتوقف على إجازتهما ليس هو صحة الانشاء فقط بل صحة ما يصدق عليه النكاح بالحمل الشايع.
ولا يخفى عليك أن ما ذكرناه من الجواب عن المناقشة المتقدمة مبني على كون صحة انشاء العبد لغيره وكالة أو فضولا متوقفة على إجازة المولى، أما بناءا على ما ذكرناه - عند التعرض للآية المتقدمة من عدم كون المولى مالكا لإنشاء العبد - فإنه لا شبهة في صحة انشائه لغيره وكالة أو فضولا، سواء رضي به المولى أم لم يرض به، إذ المولى ليس مالكا لكلمات العبد وألفاظه لتتوقف صحتها على إجازته.