وقد تردد المصنف في الحكم بصحته وفساده ثم قال: إلا أن تحقق الاكراه أقرب، والظاهر أن يحكم ببطلان الطلاق هنا أيضا لأن المناط في صحة العقود والايقاعات صدورها عن الرضاء وطيب النفس، ومن الظاهر أن الطلاق المزبور ليس كذلك.
وتدل على ما ذكرناه صحيحة البزنطي عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك، فقال: لا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه (1).
ووجه الدلالة هو أن الحلف بالطلاق والعتاق والصدقة وإن كان باطلا عندنا مع الاختيار أيضا إلا أن استشهاد الإمام (عليه السلام) على عدم وقوع الأمور المذكورة بحديث الرفع دليل على بطلان الطلاق الاكراهي، وهذا ظاهر.
ثم إنه لا يفرق في بطلان الطلاق عن كره بين أن يرجع الضرر المتوعد عليه إلى نفس المكره - بالفتح - أو إلى عرضه وشرفه أو إلى ماله أو إلى من يهمه أمره من عشيرته وأقاربه ونحو ذلك، كأن يقول الجائر لأحد: طلق زوجك وإلا قتلتك، أو قتلت ابنك وعشيرتك، أو أخذت أموالك، أو يخوفه بأشباه ذلك مما يضر المكره - بالفتح -، أما إذا لم يكن الضرر راجعا إلى المكره - بالفتح - كما إذا قال له الأجنبي: بعني دارك وإلا قتلت نفسي أو ارتكب معصية، فلا يتحقق في مثله الاكراه جزما.
ثم إن بطلان الطلاق في هذه الصورة يختص بما إذا لم يتمكن من التورية، وإلا فالأقرب وقوعه، على ما عرفته من اعتبار العجز عن التورية في تحقق الاكراه موضوعا وحكما، ولعل هذه الصورة هي مراد العلامة (رحمه الله) حيث قرب وقوع الطلاق إذا كان المكره ناويا، نعم بناء على عدم