أو الروايات الدالة على حرمة التصرف في مال المسلم بدون إذنه ورضاه أو حديث الرفع.
ولكن لا دلالة في شئ منها على ما يرومه المستدل:
أما الاجماع والعقل، فلأنهما من الأدلة اللبية، ومن الواضح أن القدر المتيقن منهما إنما هو اعتبار مطلق الرضاء في صحة العقد أعم من المقارن واللاحق.
أما الآية المباركة أو الروايات الدالة على حرمة أكل مال المسلم من دون رضاه، فلأنها تدل على توقف حلية المال ونقله إلى غيره على تحقق الرضاء من المالك، ومن الظاهر أنا نلتزم بذلك حيث لا نحكم بالحلية إلا بعد الرضاء وطيب النفس، غاية الأمر أنا لا نخصص الرضاء بالرضاء المقارن بل نعممه إلى الرضاء اللاحق أيضا، بديهة أن التخصيص بخصوص المقارن تقييد للأدلة الدالة على اعتبار الرضاء في حلية المال ونقله إلى غيره.
وعلى الجملة إن الظاهر من تلك الأدلة هو أن الرضاء معتبر في أصل حلية المال ونقله إلى غيره، سواء فيه الرضاء المقارن واللاحق لا أنها مختصة بخصوص الرضاء المقارن بل التخصيص بذلك تقييد لها بلا مقيد.
قيل: إن ظاهر الآية المباركة أن التجارة لا بد وأن تكون مسببة عن الرضاء وناشئة منه، وعليه فلا بد من اقترانه بالعقد ولا يكفي لحوقه به، لأنه إذا انعقد فاسدا ابتداءا لم ينقلب بعد ذلك عما هو عليه.
ومن هنا يظهر أنه لا وجه لقياس المقام بالعقد الفضولي المتعقب بالرضاء والإجازة من المالك، فإن العقد الفضولي لا ينتسب إلى المالك إلا حين إجازته فهو حين ما ينتسب إلى المالك ينشأ من طيب نفسه