عليه قوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل (1)، فلا أثر لرضاء الأجنبي وعدمه، والعاقد غير المالك أجنبي فلا أثر لعدم رضاه وكونه مكرها في انشاء العقد.
وقد يتوهم أن حديث الرفع يدل على عدم ترتب الأثر على هذا العقد، ولكنه توهم فاسد، ضرورة أنه ليس هنا أثر مترتب على فعل المكره عليه بالإضافة إليه حتى يرتفع بحديث الرفع، أما بالنسبة إلى المالك فلا اكراه على أن رفع الأثر بالإضافة إلى المكره عليه خلاف الامتنان.
الثانية: أن يكون الاكراه من غير المالك لغير الوكيل من المالك، والعقد في هذه الصورة فضولي فتتوقف صحته على الإجازة والوجه فيه ظاهر.
الثالثة: أن يكون الاكراه من غير المالك ولكن المكره يكون وكيلا مفوضا من قبل المالك، والظاهر أن يحكم ببطلان المعاملة في هذه الصورة فيما إذا لم يعلم رضاء المالك بالعقد، وذلك لأن المعتبر في صحة العقد هو استناده إلى المالك، فلو لم يكن الوكيل مكرها كان رضاه بمنزلة رضاء المالك وانتسب العقد إليه، أما إذا كان الوكيل مكرها فهو غير راض بالعقد، والمفروض أنه لا كاشف آخر عن رضاء المالك.
نعم إذا علم رضاء المالك حكم بصحة العقد، لأن رضاء الوكيل إنما يعتبر بما أنه طريق وكاشف عن رضاء الموكل من جهة توكيله، فلو علم رضاء الموكل مع صدور العقد من الوكيل حكم بصحته.
ومن هنا اتضح لك أنه لا وجه لقياس ما نحن فيه بالمجنون، لأن المجنون مسلوب العبارة فلا تأثير في عقده، وهذا بخلاف المكره فإنه ليس بمسلوب العبارة.