ولكن احتمل المصنف أنه يرجع إلى البائع في استيضاح المكره عليه وميزه عن غيره، سواء ادعى البائع العكس أم لا.
ويتوجه عليه أنه لم يبق موضوع للاكراه بعد تحقق العقد الأول لكي يحتمل وقوع العقد الثاني عن كره حتى يرجع إلى البائع في التعيين بل لا يبعد صحة البيع الثاني حتى فيما إذا كان بيعه متفرعا على الاكراه ومن تبعات البيع الأول، كما إذا أكرهه الجائر على بيع أحد مصراعي الباب فباعه ثم باع المصراع الثاني فإن بيع المصراع الثاني وإن كان لأجل عدم الانتفاع به وحده ومن تبعات البيع الأول لكنه حيث وقع عن الرضاء وبغير الكره فيحكم بصحته.
أما إذا باع المكره عليه وغيره دفعة، كما إذا باع العبدين مرة واحدة، فإن لم يكن البيع من جهة الاكراه بل كان من جهة طيب النفس، كما إذا فرضنا أنه كان راغبا إلى بيع عبديه فأكرهه الجائر على بيع أحدهما فاغتنم الفرصة فباعهما، فلا اشكال في صحة البيع.
أما إذا كان البيع من جهة الاكراه ولولاه لم يكن يقدم عليه، ففي صحته أو فساده مطلقا، أو الصحة في غير المقدار المكره عليه وجوه، قد ذهب المصنف إلى صحة البيع في المجموع، بدعوى أن ما تعلق به الاكراه لم يقع في الخارج وما وقع فيه لم يتعلق به الاكراه.
ولكنه يندفع بأن بيع المجموع وإن لم يقع عن اكراه إلا أن بيع أحدهما وقع عن اكراه لا محالة، ولولاه لم يقدم على البيع أصلا - كما هو المفروض - فلا وجه لصحة البيع في الجميع، أما وجه الفساد مطلقا فهو أن المكره عليه لا تعين له في الواقع وأن نسبته إلى كل من الفردين على حد سواء، والحكم بفساد أحدهما معينا دون الآخر ترجيح بلا مرجح.
ولكن الصحيح أن يحكم بفساد البيع بالنسبة إلى المقدار المكره عليه،