وأظن - وإن كان الظن لا يغني من الحق شيئا - أن هذا الاطلاق صار سببا لاختلاف العلماء في حقيقة الحق والحكم وبيان الفارق بينهما، والله العالم.
ومما يدل على اتحاد الحق والحكم، أن لفظ الحق في اللغة بمعنى الثبوت، ولذا يصح اطلاقه على كل أمر متقرر في وعائه المناسب له، سواء أكان تقررا تكوينيا أم كان اعتباريا، وهو بهذا المعنى قد استعمل في عدة موارد من الكتاب العزيز (1).
ومن هنا يصح اطلاق كلمة الحق على الخبر الصادق لثبوت مضمونه في الواقع، ولهذا أيضا يطلق الحق - بقول مطلق - على الله تعالى لبطلان غيره في جنبه سبحانه.
ومن هنا قيل: إن أصدق شعر أنشئ في الجاهلية هو قوله: ألا كل شئ ما خلا الله باطل.
وإذن فمفهوم الحق يعم جميع المجعولات الشرعية، بل جميع الأمور الثابتة في أي صقع من الأصقاع، فلا وجه لتخصيصه بالأحكام فضلا عن تخصيصه بحصة خاصة منها.