ومن البين الذي لا ريب فيه أنه لا يعقل ثبوت الحكم لغير موضوعه، بديهة أن نسبة الحكم إلى موضوعه كنسبة المعلول إلى علته، فكما يستحيل انفكاك المعلول عن علته كذلك يستحيل انفكاك الحكم عن موضوعه.
وبتعبير آخر أنا إذا لاحظنا آثار حق الشفعة وجدنا خصوصية في مورده، وتلك الخصوصية هي العلة التامة لثبوته للشريك فقط دون غيره.
نعم، تجوز المعاوضة على حق الشفعة من حيث الاسقاط، بأن يجعل اسقاطه ثمنا في البيع، أو أجرة في الإجارة، أو عوضا في الصلح والهبة، أو صداقا في النكاح، ولكن هذا أجنبي عما نحن فيه، فإن مورد بحثنا إنما هو جواز المعاوضة على حق الشفعة وجعله عوضا في العقود المعاوضية لا المعاوضة على اسقاطه، فإن الاسقاط بنفسه عمل، وقد عرفت سابقا أن عمل الحر يجعل عوضا في البيع وغيره من العقود المعاوضية.
وأما حق الخيار فجواز المعاوضة عليه من حيث الاسقاط خارج عن موضوع بحثنا - وقد عرفته قريبا - وأما نقله إلى غيره بالعقود المعاوضية، وجعله عوضا فيها فقد منعه المصنف من ناحية استلزامه اتحاد المسلط والمسلط عليه.
والجواب عن ذلك:
أولا: إن هذا إنما يتم فيما إذا نقل حق الخيار إلى من عليه الخيار، وأما إذا نقل إلى غيره فلا يلزم منه المحذور المذكور، وإذن فالدليل أخص من المدعى.
ثانيا: إن هذا إنما يلزم فيما إذا كان متعلق السلطنة في الخيار هو البائع دون العقد، ولكن سيأتي في مبحث الخيارات أن الخيار إنما يتعلق بالعقد لا بالمتبايعين، وإلا لسقط خيار كل منهما بموت صاحبه.