وغيرهما من الألفاظ المفردة والمركبة التي هي من الأمارات الجعلية.
نعم تفترق الجمل الانشائية عن الجمل الخبرية بأن الجمل الانشائية إنما وضعت بهيئاتها الانشائية لابراز أمر ما من الأمور النفسانية، وهذا الأمر النفساني قد يكون اعتبارا من الاعتبارات، كما في الأمر والنهي والعقود والايقاعات، وقد يكون صفة من الصفات، كما في التمني والترجي.
ولأجل ذلك أن الجمل الانشائية لا تتصف بالصدق تارة وبالكذب أخرى، إذ ليس في مواردها خارج تطابقه النسبة الكلامية أو لا تطابقه، وهذا بخلاف الجمل الخبرية فإنها موضوعة لابراز قصد الحكاية عن الثبوت أو السلب، وعليه فالهيئات التركيبية للجمل الخبرية أمارة على قصد المتكلم للحكاية عن النسبة، وهذه الحكاية قد تطابق الواقع فتكون الجملة صادقة وقد تخالفه فتكون كاذبة.
وقد اتضح لك مما ذكرناه أن المتصف بدأ بالصدق والكذب في الجمل الخبرية إنما هو الحكاية عن الواقع، وأما اتصاف الجملة الخبرية بهما إنما هو من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه.
والمتحصل مما بيناه أن استعمال اللفظ في المعنى ليس إلا إظهار المقاصد النفسانية بمبرز خارجي سواء في ذلك الجمل وغيرها، وإذن فالانشاء من مصاديق استعمال اللفظ في المعنى بلا ارتباط له بايجاد المعنى باللفظ (1).