ببقائه كما حكم بحدوثه وقد يحكم بارتفاعه، ولو كان ذلك باختيار أحد المتعاملين أو كليهما، نعم المتبع في ذلك في مقام الاثبات هو الأدلة الشرعية.
وعلى الجملة، أن الجواز واللزوم الوضعيين، كالجواز واللزوم التكليفيين، فإن جميعها من الأحكام الشرعية ولا تفاوت في ماهيتها وذواتها وإن اختلفت آثارها، فاعطف نظرك هل ترى فارقا بين جواز قتل المشرك الذي يسمى حكما شرعيا، وبين سلطنة ولي الدم على قتل القاتل الذي يسمى حقا شرعيا لقبوله الاسقاط، ثم أرجع البصر كرتين هل ترى فارقا بين حق الحضانة والأبوة والولاية وأشباهها مما لا يقبل الاسقاط، وبين حق الشفعة وحق الخيار القابلين للاسقاط، فافهم واغتنم.
ومن الغريب أن جمعا من الفقهاء تصدوا لبيان الفارق بين الحق والحكم، حتى أن بعضهم قد ألحقه بالبديهيات، زعما منه أن الاختلاف بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس.
وذكر جماعة أن الحق مرتبة ضعيفة من الملكية وصاحبه مالك لشئ يرجع أمره إليه، بخلاف الحكم فإنه مجرد جعل الرخصة في فعل شئ أو تركه، أو الحكم بترتب أثر على فعل أو ترك.
وذكر طائفة أن الحق ما يقبل السقوط والاسقاط أو النقل والانتقال، بخلاف الحكم فإنه لا يقبل شيئا من هذه الأمور، إلى غير ذلك مما ذكروه في هذا المقام، ولكنك قد عرفت أنه لا يرجع شئ من ذلك إلى محصل.
نعم، لا مانع من تخصيص اطلاق الحق اصطلاحا بطائفة من الأحكام، وهي التي تقبل الاسقاط، إذ لا مشاحة في الاصطلاح.