والأفعال منهم في تلك الحال بإذن الولي أم لم يكن كذلك.
وعلى الجملة إن الرواية وإن وردت في باب الجناية ولكن مقتضى التعليل هو تنزيل قصد الصبي والمجنون منزلة عدمه، وأنه لا اعتبار بشئ مما يصدر منهما قولا وفعلا بل هما مسلوبان في عالم الاعتبار من جهة الفعل والعبارة، ضرورة أن ذكر العلة في مورد خاص لا يقتضي اختصاصها به، بل هو من باب تطبيق الكبرى على الصغرى، وإذن فلا محذور لنا في الأخذ بعموم العلة في سائر الموارد أيضا.
ويتوجه عليه أنه لا وجه لجعل رفع القلم علة لكون الدية على العاقلة لعدم العلية بينهما لا شرعا ولا عرفا ولا عقلا، بل نسبة أحدهما إلى الآخر كوضع الحجر في جنب الانسان، والعجب من المصنف فإنه قد التزم بثبوت العلية والمعلولية بين رفع القلم عن الصبي، وبين ثبوت الدية علي العاقلة ولكن لم يستوضح المناسبة والسنخية بينهما.
غاية الأمر أنه ثبت في الشريعة المقدسة أن دم المسلم لا يذهب هدرا، ومن الظاهر أن هذا الحكم - مع ما دل على أن عمد الصبي خطأ - يلازم ثبوت دية الجناية الصادرة من الصبي على عاقلته.
والصحيح أنه لا ملازمة بينهما أيضا، لأن الحكمين المذكورين لا يدلان على ثبوت الدية على خصوص العاقلة، إذ يمكن أن تكون الدية علي جميع المسلمين أو من بيت المال أو غير ذلك، كما أنه لا وجه لجعل رفع القلم معلولا لقوله (عليه السلام): عمدهما خطأ، فإن رفع القلم مقوم لتنزيل العمد بمنزلة الخطأ، لا أنه معلول له.
والتحقيق أن وجه المناسبة بين قوله (عليه السلام): رفع عنهما القلم، وبين قوله (عليه السلام): عمدهما خطأ، هو أن تنزيل عمد الصبي منزلة خطائه متقوم بأمرين: