وأضف إلى ذلك أن مالك العين الموجودة ضامن ببدل العين التالفة جزما، وإنما الاختلاف في أن البدل المضمون هل هو البدل الحقيقي - أعني به المثل أو القيمة - أو البدل المسمى - أعني به العين الموجودة - وعليه فلا تجري هنا أصالة عدم الضمان لكي يتوهم تعارضها بأصالة بقاء السلطنة، بديهة أن أصالة براءة الذمة مخالفة للعلم الاجمالي بالضمان، ومن البين أن العلم المذكور مانع عن جريان أصالة براءة الذمة، وإذن فتصبح أصالة بقاء السلطنة سليمة عن المعارض.
ويضاف إلى ذلك كله أن عموم دليل السلطنة كما يقتضي تسلط مالك العين الموجودة على ماله بأن يأخذه من صاحبه، كذلك يقتضي تسلط مالك العين التالفة على ماله بأن يأخذ بدله الحقيقي - من المثل أو القيمة - من الطرف الآخر، وعلى هذا فلا يختص دليل السلطنة بطرف واحد بل يجري ذلك في كلا الطرفين، وحينئذ فلا مجال للتمسك بالدليل الفقاهي - أعني به استصحاب براءة الذمة عن المثل والقيمة - مع وجود الدليل الاجتهادي - أعني به دليل السلطنة - انتهى ملخص كلام المصنف.
وفيه مواقع للنظر والمناقشة، ويتضح لك ذلك في ضمن أسئلة وأجوبتها:
1 - أن اليد الموضوعة على المأخوذ بالمعاطاة - على القول بالإباحة - هل توجب الضمان؟
الظاهر أن اليد هنا يد ضمان، ضرورة أن المعاطاة وإن كانت مفيدة للإباحة إلا أن الأخذ والاعطاء فيها ليسا بمجانيين، بل في مقابل العوض المسمى، وعليه فإذا تلفت أحدي العينين وبقيت الأخرى كانت العين الباقية بدلا جعليا عن العين التالفة.
ومن هنا قد التزم المصنف - عند البحث عن كلام بعض الأساطين -