جمع من المحققين، وعليه فيجري استصحاب السلطنة، فيحكم بالضمان بالبدل الواقعي دون المسمى.
أما الوجه الأول فيرد عليه أنا ذكرنا في محله أن مجرد كون أحد الأصلين سببيا والآخر مسببيا لا يسوغ حكومة الأول للثاني، بل لا بد في ذلك أن يكون ارتفاع الثاني أو ثبوت ضده أثرا شرعيا للأول.
ومن البديهي أن عدم البراءة عن الضمان بالمثل أو القيمة ليس من الآثار الشرعية لاستصحاب السلطنة لكي يترتب عليه ارتفاع أصالة البراءة عن الضمان بالبدل الواقعي، وإنما الأثر الشرعي المترتب على استصحاب السلطنة هو جواز رجوع مالك العين إليها، ومن لوازمه العقلية ضمانه بالبدل الواقعي للعين التالفة، ضرورة قيام القرينة الخارجية على أن مالك العين التالفة لم يعطها لمالك العين الباقية اعطاء مجانيا.
ومن البديهي أن هذه الملازمة الخارجية لا تدل على ارتفاع الأصل المسببي بالأصل السببي إلا على القول بالأصل المثبت، وهذا واضح لا ريب فيه.
أما الوجه الثاني فيرد عليه:
أولا: إن دليل الاستصحاب إنما يكون حاكما على أصالة البراءة فيما إذا كان مجراهما واحدا، فإن الواقع حينئذ يحرز بالاستصحاب فلا يبقى مجال للرجوع إلى البراءة، أما إذا تعدد المجري فلا موجب للتقديم، فإذا علمنا اجمالا بوقوع نجاسة في الماء أو علمنا بكون المايع الآخر بولا كان استصحاب عدم وقوع النجس في الماء معارضا بقاعدة الطهارة في المايع الآخر، لا أن الاستصحاب يجري وتثبت به نجاسة ذلك المايع، والمقام من هذا القبيل، إلا أن يلتزم بحجية الأصل المثبت، فإنه لا مانع حينئذ من جريان الاستصحاب وحكومته على أصالة الطهارة أو أصالة البراءة.