يترتب عليه محذور لعدم استحالة العتاق في غير الملك، وهذا بخلاف ما كان المانع هو الدليل العقلي فإنه غير قابل للتخصيص، هذا كله في البيع.
وأما العتاق، فهل يمكن أن ترجع نتيجته إلى غير المالك أم لا بد وأن ترجع إلى المالك فقط.
الظاهر أنه لا ريب في صحة العتق عن غير المالك، إذ لم يرد في آية ولا في رواية ولا في معقد اجماع عدم جواز ذلك، ولم يقم دليل عقلي أيضا على استحالته، بل لو التزمنا في الناحية الأولى باشتراط صدور العتق من المالك، لما دل على نفي جواز العتق إلا في ملك، فإن هذا لا يكون وجها للالتزام بعدم الجواز هنا إذ المفروض أن المتصدي للعتق إنما هو المالك لأنه بنفسه أعتق عبده عن غيره تبرعا.
ونتيجة البحث: أن المالك إذا أعتق أحد مماليكه عن نفسه أو عن غيره، أو أذن لأحد أن يعتقه عن نفسه أو عن المالك أو عن ثالث، كان العتاق نافذا، إذ لا نري مانعا عقليا ولا مانعا شرعيا عن ذلك، بل يدل على نفوذه ولزومه قوله تعالى: أوفوا بالعقود.
إذ ليس المراد بالعقد في الآية الكريمة هو العقد المصطلح الذي يحتاج إلى الايجاب والقبول، لكي تخرج الايقاعات عن حدودها، بل المراد منه العقد المشدد أو مطلق العقد - على ما أسلفناه في البحث عن لزوم المعاطاة -، ومن الظاهر أن العقد بأحد هذين المعنيين يشمل الايقاعات أيضا.
وقد تبين لك مما تلوناه عليك أنا لا نحتاج في تصحيح قول الرجل لصاحبه: أعتق عبدك عني، إلى ما ذكره الأصوليون من دلالته على التمليك دلالة اقتضائية - التي تتوقف عليها صحة الكلام عقلا أو شرعا -