لم تتحق المعاطاة، إذ المفروض أن المقابلة بين التمليكين ولا الملكين، ولا ريب أن هذا المعنى بعيد عن مفهوم البيع لما عرفته في أول الكتاب، من أنه يعتبر في مفهوم البيع أن يكون المبيع من الأعيان، ومن الواضح أن نفس التمليك من الأفعال فلا يقع مبيعا.
نعم هو قريب من الهبة المعوضة من ناحية وبعيد عنها من ناحية أخرى، أما قربه منها فمن جهة أن كلا من المالين خال عن العوض، إذ المفروض أن المقابلة قد وقعت بين التمليكين لا بين الملكين، فتكون كالهبة المعوضة لأجل وقوع التمليك بإزاء التمليك، وأما بعده عنها فمن جهة أن حقيقة الهبة معوضة كانت أم غيرها عبارة عن العطية بلا بدل فقوامها بالمجانية، وأما اعتبار العوض في الهبة المعوضة فإنما هو على نحو الداعوية والاشتراط لا على نحو المقابلة والمعاوضة.
ومن الظاهر أن المفروض في المقام إنما هو وقوع التمليك بإزاء التمليك لا على نحو المجان ولا بدل، والأولى أن يجعل هذا القسم من التعاطي إما من قبيل المصالحة على أمر معين أو من قبيل المعاملة المستقلة، وهذا ظاهر لا خفاء فيه.
3 - أن يقصد الباذل أولا إباحة ماله للآخذ بإزاء أن يملك الآخذ ماله إياه، فتقع المبادلة بين الإباحة والتمليك.
4 - أن يقصد كل من المتعاطيين إباحة ماله للآخر بإزاء إباحة الآخر ماله إياه فتقع المقابلة بين الإباحتين، أو تكون الإباحة الأولى بداعي الإباحة الثانية - انتهى ملخص كلام المصنف.
ولا يخفى على الفطن العارف أن الوجوه المتصورة في المقام وإن كانت كثيرة، كما أوضحها غير واحد من المحشين، ولكن يتضح حكمها من الأقسام المذكورة، ومن هنا أغفل المصنف التعرض لجميع الأقسام المتصورة في المقام.