عرفت قريبا أنه يستحيل صدق مفهوم البيع على التبديل الساذج من غير أن يكون التبديل في جهة الإضافة، ومن الواضح أن الجمع بين هذه الأمور يقتضي الالتزام بدخول العمودين في ملك الابن آنا ما ثم انعتاقهما عليه من غير أن يكون لهذه الملكية دوام وثبات، بل حصولها مقدمة لزوالها.
وإذن فالالتزام بهذه الملكية يقتضي تخصيص ما دل على أن الانسان لا يملك عموديه، ولا يمكن الالتزام بتخصيص ما ذكرناه، وهو أنه لا يمكن صدق مفهوم البيع على ضده، بديهة أن الأحكام العقلية غير قابلة للتخصيص، وهذا واضح لا ريب فيه.
وقد ظهر لك من مطاوي ما ذكرناه أن الانسان يملك عموديه آنا ما ملكية تحقيقية، لا ملكية تقديرية فرضية - على ما اشتهر في السنة المحصلين - لعدم ترتب الأثر على الملكية التقديرية بوجه، وعلى هذا فلا وجه للمصنف أن يفرق بين شراء العمودين وبين بيع الواهب عبده الموهوب أو عتقه، حيث التزم بالملكية الآنية التقديرية في الأول وبالملكية التحقيقية في الثاني، مع أنهما من واد واحد.
وقد اتضح لك أيضا مما بيناه أن المراد من الجمع بين الأدلة، الذي يوجب الالتزام بالملكية الآنية التحقيقية، إنما هو الجمع بين الدليل العقلي - أعني به استحالة صدق مفهوم البيع على ضده - وبين ما دل على جواز شراء العمودين، وبين ما دل على أن الانسان لا يملك عموديه.
وليس المراد من الجمع بين الأدلة الجمع بين ما دل على أنه لا عتق إلا في ملك، وبين ما دل على جواز شراء العمودين، وبين ما دل على أن الابن لا يملك عموديه.
ضرورة أنه لو كان المانع عن شراء العمودين هو نفي جواز العتق إلا في ملك لأمكن تخصيصه بما دل على جواز شراءهما وانعتاقهما من دون أن