يوجد بيع معاطاتي في الخارج ولم يميز فيه البائع عن المشتري من جهة الأمور الخارجية، بديهة أن ذلك راجع إلى باب المرافعات ولا صلة له بالمقام.
بل الغرض الأقصى من عقد هذا الأمر إنما هو التعرض لمفهومي البائع والمشتري سعة وضيقا لكي يستوضح مقدار صدقهما، وقد سمى المصنف أشباه ذلك في أول كتاب الطهارة بالشبهة في الصدق ومرجعه في الحقيقة إلى الشبهة المفهومية، ولذا أن الأصحاب لم يجعلوها قسما آخر وراء الشك في أصل المفهوم.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه إذا كان أحد العوضين نقدا والعوض الآخر عرضا، فالذي يعطي العرض يسمى بائعا والذي يعطي النقد يسمى مشتريا، لقيام سيرة العقلاء وديدنهم على ذلك، وإذا كان كلا العوضين نقدا أو كان كلاهما متاعا ولكن كان نظر أحد المتعاملين من المبادلة إلى حفظ مالية ماله في ضمن أي متاع كان مع كون غرضه في ذلك هو تحصيل الربح والمنفعة، كأهل التجارة والكسب، وكان نظر الآخر إلى رفع حاجته وكشف نوائبه وكرباته فقط، فإن الأول يسمى بائعا والثاني يسمى مشتريا.
وعلى هذا فيكون الملحوظ فيما يعطيه المشتري هو المالية الخالصة لكي يكون ذلك قائما مقام النقود ويعنون بعنوان الثمنية.
ومثال ذلك أن يعطي أحد مقدارا من الحنطة ليأخذ لحما وكان غرضه من اعطاء الحنطة أنها تساوي درهما، فإن هذا يسمى مشتريا وباذل اللحم يسمى بائعا، وإذا انعكس الأمر انعكس الصدق أيضا.
وإن كان كلا العوضين عرضا أو نقدا، من غير سبق مقاولة تدل على كون أحدهما بائعا والآخر مشتريا، وكان الغرض لكل من المتعاملين هو