المشتري، وخروج ما يدفعه المشتري ثانيا ويقبضه البائع عن حقيقة المعاوضة، فيلزم أن يكون المعاملة حاصلة دائما بدفع العين أولا وقبضها، ويكون دفع المشتري دائما خارجا عن حقيقة المعاوضة، وعلى هذا فلا وجه لما التزم به في الأمر الثاني من أن المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطي فعلا من الطرفين... لأن المفروض أن العطاء الثاني لا أثر له ولا يتحقق به إلا عنوان الوفاء بالمعاطاة (1).
ووجه عدم المنافاة بين الأمرين، أنه لا تنافي بين الالتزام بأن الايجاب والقبول يحصلان بالاعطاء والقبض أولا، وأن دفع العين ثانيا خارج عن حقيقة المعاطاة بل هو وفاء بالعقد، وبين القول بأن المتيقن من مورد المعاطاة هو ما إذا حصل التعاطي من الطرفين، فإن العقد وإن تم بالاقباض والقبض أولا، إلا أن المتيقن منه قبال العقد اللفظي هو ما تعقبه الاعطاء من الطرف الثاني أيضا، وإذن فلا تنافي بين الأمرين.
وإذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أنه قسم المصنف المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين على أربعة أقسام:
1 - أن يقصد كل من المتعاطيين تمليك ماله بمال الآخر، وعليه فيتم الايجاب والقبول بدفع العين الأولى وقبضها، ويكون دفع العين الثانية خارجا عن حقيقة المعاطاة، بل يكون ذلك وفاء لما التزم به بإزاء ما تملكه، وعلى هذا فلو مات القابل بعد المطاوعة وقبل دفع العوض لم تبطل المعاطاة لأنه مات بعد تحققها في نظام الوجود.
2 - أن يقصد كل من المتعاطيين تمليك ماله للآخر بإزاء تمليك الآخر ماله إياه، بحيث تكون المعاطاة متقومة بالعطاء من الطرفين مع كون التمليك بإزاء التمليك، وعليه فلو مات الثاني قبل أن يملك ماله للأول