الدالة على الوضع عنهم لتخصيص مثل هذه العمومات الغير المنافية لها كما في نظائرهم ممن عرفت نعم ربما يظهر من بعض الأخبار الواردة في المسافر عدم مشروعيتها كما ربما يؤيد ذلك كون الجمعة بمنزلة الصلاة التامة التي لم تشرع في السفر صلاة الجمعة بمنزلة الصلاة التامة التي لم تشرع في السفر كقول الصادق عليه السلام في صحيحة الربعي والفضيل ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى وفي صحيحة محمد بن مسلم صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة الحديث وفي صحيحة الأخرى قال سئلته عن صلاة الجمعة في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في الظهر في غير يوم الجمعة ولا يجهر الامام فيها بالقراءة وانما يجهر إذا كانت خطبة وصحيحة جميل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر لا يجهر الامام انما يجهر الامام إذا كانت خطبة ولكن المنساق من هذه الأخبار نفي شرعية عقدها للمسافرين العدم مشروعية دخولهم تبعا كما أن ما ذكرناه مؤيدا انما يصلح مؤيدا لذلك والا فهي بالنسبة إلى المسافر الذي أدركها تبعا ليست الا اقتداء بفريضة مقصورة وكونها بمنزلة التامة انما هو في حق من عليه الاتمام والا فهي بالذات مقصورة فلا ينبغي الارتياب في جوازها للمسافر الذي حضرها فإنها بالنسبة إليه ليست الا أفضل افراد ما وجب عليه وهي صلاة ظهر مقصورة جماعة هذا مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك خبر سماعة عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عليهما السلام أنه قال اي مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبا لها أعطاه الله عز وجل اجر مأة جمعة للمقيم وخبر حفص بن غياث قال سمعت بعض مواليهم سأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على العبد والمرأة والمسافر فقال ابن أبي ليلي لا تجب الجمعة على أحد منهم ولا الخائف فقال ما تقول ان حضر واحد منهم الجمعة مع الامام فصلاها معه هل تجزيه تلك الصلاة عن ظهر يومه فقال نعم فقال له الرجل فكيف يجزى ما لم يفرضه الله عليه عما فرضه الله عليه وقد قلت إن الجمعة لا تجب عليه ومن لم يجب عليه الجمعة فالفرض عليه ان يصلي أربعا ويلزمك فيه معنى ان الله فرض عليه أربعا فكيف أجزء عنه ركعتان مع ما يلزمك ان من دخل فيما لم يفرضه الله عليه لم يجز عنه مما فرضه الله عليه فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب وطلب إليه ان يفسرها فأبى ثم سئلته انا عن ذلك ففسرها لي فقال الجواب عن ذلك ان الله عز وجل فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخص للمرأة والمسافر والعبد ان لا يأتوها فلما حضروها سقطت الرخصة ولزمه الفرض الأول فمن اجل ذلك أجزء عنهم فقلت ممن هذا فقال عن مولانا أبي عبد الله (ع) وهذه الرواية بظاهرها تدل على وجوب الجمعة عينا على المرأة والمسافر والعبد إذا تكلفوا الحضور فضلا عن صحتها منهم كما هو المدعى وقضية ذلك حمل ساير الروايات الدالة على وضع الجمعة عنهم وعدم وجوبها عليهم على ارادته باعتبار توقفها غالبا على السعي الذي رخص في تركه لا من حيث هي فاطلاق الوضعي الوارد في تلك الأخبار جار مجرى الغالب وهو تأويل غير بعيد ولكن يشكل الاعتماد على هذه الرواية في صرف تلك الأخبار عن ظواهرها لما فيها من ضعف السند وما قيل من أن حفص وان كان عامي المذهب لكن له كتاب معتمد بل عن الشيخ في العدة ان الطائفة عملت بما رواه حفص عن أئمتنا ولم ينكروه فهو غير مجد بالنسبة إلى مثل هذه الرواية التي أرسلها عن بعض غير معروف مع غلبة الظن بان للاجتهاد دخل في نقله هذا معه معارضتها في المرأة بخبر أبي همام عن أبي الحسن عليه السلام قال إذا صلت المرأة في المسجد مع الامام يوم الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها (وان صلت في المسجد أربعا نقضت صلاتها) لتصلي في بيتها أربعا أفضل فإنه صريح في نقصان صلاتها في المسجد الذي هو مجمع الناس جماعة أو فرادي ومرجوحيتها بالإضافة إلى الصلاة في بيتها فرادي وهو ينافي تعين الجمعة عليها بعد الحضور لدى تمكنها من الرجوع إلى بيتها واختيار افرد الأفضل اي الصلاة في بيتها وحدها مع أن خبر حفص كالنص في عكسه وان الصلاة أربعا في بيتها من قبيل التكاليف الغدرية التي سوغتها الرخصة في ترك السعي والا فالواجب عليها أولا وبالذات هي الجمعة كما لا يخفى على المتأمل واما خبر علي بن جعفر المروى عن قرب الإسناد انه سال أخاه عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال فقال نعم فهو بظاهره معارض المعتبرة المستفيضة الدالة على أنه ليس على النساء الجمعة ولا صلاة العيدين مثل ما عن الصدوق ومرسلا عن الصادق عليه السلام ليس على النساء اذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة وباسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد جميعا عن جعفر بن محمد عن ابائه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) قال ليس على النساء جمعة ولا جماعة إلى أن قال ولا تسمع الخطبة والنصوص المتقدمة الدالة على وضع الجمعة عنها وغير ذلك من الروايات الواردة فيها وفي العيدين مما لا يخفى على المتتبع والجمع بينها بحمل هذه الأخبار المتظافر المتكاثرة على عدم وجوب السعي وحمل هذه الرواية على وجوبها على تقدير الحضور مع ما فيه من البعد بالنسبة إلى كل من الطرفين واحتياجه إلى شاهد معتبر ليس بأولى من حمل هذه الرواية على الاستحباب وليس في قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي شهادة على هذا الجمع إذ الظاهر أنه كناية عن وجوب نفس الجمعة على من عدى الخمسة لا وجوب الحضور من حيث هو كي يكون الاستثناء استثناء من ذلك وكيف كان فيظهر من خبر علي بن جعفر وكذا خبر أبي همام المتقدمين كغيرهما مما عرفت صحة صلاة المرأة أيضا لو تكلفت الحضور فلا مجال للارتياب في الكلية المزبورة وهي ان كلا من هؤلاء لو تكلف الحضور صحت صلاته مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه كما تقدمت الإشارة إليه واما الاجتزاء بها عن الظهر فهو من لوازم صحتها كما تقدم توضيحه في مسألة اشتراط اذن الامام واما الكلام في تعينها عليهم بعد الحضور فهذا بالنسبة إلى من شهدت القرائن والمناسبات الداخلية والخارجية بأن مناط الرخصة في تركها لهم ليس الا مشقة السعي كما فيمن بعد عنها بأزيد من فرسخين أو يشق عليه السعي دون الانتظار للصلاة وزحام الجمعة أو الشيخ الكبير الذي هو كذلك أو غير ذلك من أول الاعذار الذين لا يصلح عذرهم مانعا الا عن ايجاب السعي فمالا شبهة فيه بل ولا في احتسابهم من العدد ولا في جواز عقد جمعة مستقلة
(٤٥٤)