فإذا ارتفع ذلك الموضوع بوجود المعلق عليه الذي يتوقف على عدمه صحة العقد الأول فلا يبقي مجال لصحته بالإجازة، فحيث إن صحة العقد الأول متوقفة على بقاء المجيز على حالته الأولية وكونه مالكا للإجازة وقد انعدم في المقام فيحكم ببطلان العقد الأول بلا شبهة.
وبعبارة ثالثة: إن العقد الفضولي إنما يحكم بصحته مقتضى العمومات أو الأدلة الخاصة إذا انتسب ذلك العقد إلى المالك ليحكم عليه بأنه يجب عليك الوفاء به، وأما إذا انعدم فلا تشمل الاطلاقات والعمومات ذلك العقد، فإن معنى وجوب الوفاء بالعقد ليس أنه يجب لكل شخص أن يفي بكل عقد حتى لو باع أحد مال غيره، فيجب عليه أن يفي بذلك بل هذا ونظائره خطاب لمالك العقد ولمن يكون العقد عقده، فإذا انتفي المالك فلا يبقي موضوع لوجوب الوفاء بالعقد وغيره من الأدلة الخاصة أو العامة.
بل هذا الذي ذكرنا هو من جملة المرتكزات الشرعية، حيث إن من البديهيات في عالم الشريعة أنه لو زوج أحد امرأة فضولة ولم تكن المرأة عالمة بذلك فتزوج نفسها بزوج آخر وعرض العقد الأول إليه بعد سنين بحيث صارت كثيرة الأولاد وأجاز العقد الأول، فهل يتوهم أحد أن جميع هذه الأولاد والاستمتاعات وقعت شبهة، وليس كذلك قطعا، هذا ما يرجع إلى الزوجية.
وأما في غير الزوجية فلا يتم ما ذكره شيخنا الأستاذ، وذلك لأن تصرف المالك في المبيع من عتق الأمة أو العبد أو بيعهما للغير أو غير ذلك من التصرفات لا ينافي العقد الأول ولا يوجب انعدام موضوع ذلك العقد لبقاء المجيز على قابلية أن يجيز العقد الأول ومالكا لذلك قبل الإجازة، فإن قوام العقد الفضولي وبقائه لم يكن ببقاء العين وإن كان حين الحدوث من مقومات العقد.