الامتنان بل ما دام الاكراه باقيا، فإذا تعقب بالرضاء كان مشمولا للاطلاقات، أما توقف عقد المكره على الرضاء المتأخر فهو لم يكن مجعولا حتى يقال إنه حكم له لا عليه فلا يشمله حديث الرفع، لأن المرفوع به المؤاخذة والأحكام المتضمنة الالزام المكره بشئ.
الوجه الثاني: إن أدلة صحة المعاملات تقتضي باطلاقها ترتب الأثر على العقد بمجرد تحققه في الخارج وحكومة حديث الرفع على الأدلة المذكورة تقتضي رفع السببية المستقلة عن العقد المجرد عن الرضاء وترتيب هذه السببية على العقد الصادر لا عن اكراه، ولا ينافي ذلك كون العقد جزء السبب ووقوف تأثيره على الرضاء المتأخر - انتهى ملخص كلامه في الوجه الثاني.
ولكنه ناقش في ذلك بما حاصله: أن المطلقات الدالة على السببية المستقلة إذا قيدت بما إذا صدر العقد من غير اكراه لم يبق هنا ما يدل على صحة عقد المكره فيما إذا تعقبه الرضاء، وعليه فالمرجع عندئذ هو الأصل وهو يقتضي الفساد، ثم ذكر أن حديث الرفع لا يمكن أن يكون حاكما على المطلقات فلا مانع من التمسك بها لصحة عقد المكره المتعقب بالرضاء.
وبيان ذلك أن المطلقات قد قيدت بالأدلة الأربعة، المقتضية لحرمة أكل المال بالباطل ومع عدم طيب النفس، بما إذا كان العقد مرضيا به سابقا أو لاحقا، وإلا كان الأكل أكلا للمال بالباطل، وإذا كان كذلك فتستحيل حكومة حديث الرفع عليها، وذلك لأن العقد المقرون بالرضاء يستحيل عروض الاكراه عليه والعقد الملحوق بالرضاء قد حكم عليه بالصحة بما أنه مكره عليه، ومثل ذلك غير قابل لأن يشمله حديث الرفع فإنه يختص بما إذا كان الأثر مترتبا على ذات الشئ من غير دخل