أما الأول، فكاكراه أحد الشخصين على فعل محرم والايعاد على تركه بالضرر، فإن علم أحدهما أو اطمأن بأن الآخر لا يفعله، إما لتمكنه من دفع الضرر المتوجه عليه أو لتوطين نفسه عليه، جاز له الاتيان بالمكره عليه لخوفه من توجه الضرر عليه، بل لو احتمل احتمالا عقلائيا بأن الآخر يفعله فخاف من الضرر على تركه جاز له الارتكاب لدفع الضرر عن نفسه، أما إذا علم أو اطمأن بأن الآخر يرتكب المكره عليه، إما لعدم مبالاته في الدين أو لخوفه من توجه الضرر عليه حرم عليه ارتكابه.
والسر في ذلك أن الأحكام الشرعية وإن كانت مجعولة على نحو الكلية ولكنها منحلة إلى الأحكام الجزئية باعتبار تعدد موضوعاتها الشخصية، وعليه فكل فرد من أفراد المكلفين له حكم مستقل غير مربوط بحكم المكلفين الآخرين.
وحينئذ ففي ما نحن فيه، إن خاف كل واحد من الشخصين من ترتب الضرر على تركه ارتكاب الحرام شمله حديث الرفع ويحكم بإباحة الفعل الصادر منه وإلا يكون مشمولا لدليل التحريم فيحكم بحرمة ما ارتكبه من الفعل.
أما الثاني، فقد يكون متعلق الاكراه عقدا واحدا وقد يكون متعلقه عقدين:
أما الأول، فلا شبهة في بطلانه، كما إذا أكره الجائر أحدا من الوكيل أو الموكل على بيع خاص، ووجه البطلان أن الوكيل والموكل وإن كانا متعددين خارجا ولكن الصادر من أي منهما مملوك لشخص واحد وهو الموكل، وعليه فمتعلق الاكراه أمر وحداني غير متعدد بتعدد الأشخاص، وإذن فشأن ذلك شأن اكراه الشخص الواحد على ارتكاب فعل فأرد.