ثالثا: إن أدلة نفي الضرر واردة في مقام الامتنان على الأمة، ومن الظاهر أن الحكم بكون أعلى القيم مضمونا على الغاصب مناف للامتنان عليه، فلا يكون مشمولا لأدلة نفي الضرر.
5 - ما أفاده المصنف وحاصل كلامه: أن الغاصب قد أزال يد المالك عن المغصوب بماله من المالية في كل زمان من أزمنة بقاء المغصوب تحت يد الغاصب، ومن تلك الأزمنة ارتفاع قيمته السوقية.
وعلى هذا فإن رد الغاصب نفس العين المغصوبة على مالكها فقد خرج عن عهدتها، بداهة أن المأخوذ بالغصب إنما هو نفسها لا ماليتها الخالصة، وإذا تلفت لم يمكن الخروج عن عهدتها إلا برد كل مالية زالت عنها يد المالك، لأن حيلولة الأجانب بين الأموال وملاكها توجب الضمان بمجموع المالية الفائتة، ومن الظاهر أنه لا يحصل الفراغ عن ذلك إلا برد أعلى القيم، كما أنه لو تلفت العين عند ارتفاع القيمة السوقية لوجب تداركها بأداء تلك القيمة.
ويرد عليه أنه لا صلة بين موارد بدل الحيلولة وبين ما نحن فيه، ضرورة أن القائلين ببدل الحيلولة إنما التزموا به من جهة الجمع بين الحقين، بمعنى أن تكليف الغاصب برد العين حين التعذر تكليف بما لا يطاق وهو غير جائز عقلا ونقلا، ومنع المالك عن حقه مع مطالبته إياه ظلم وعدوان ومخالفة لمقتضي دليل السلطنة، ولا شبهة في حرمته عقلا ونقلا، وإذن فالجمع بين الحقين يقتضي الالتزام بوجوب أداء بدل الحيلولة إلى المالك، وسيأتي التعرض لذلك تفصيلا.
وهذا بخلاف ما نحن فيه فإن كلامنا - هنا - في أصل ضمان الغاصب القيمة العليا لا في وجوب أداء ما هو ثابت في ذمة الضامن مع مطالبة المالك إياه.