قيل: إن المنافع غير المستوفاة كما لا تقبل الأخذ كذلك لا تقبل القبض أيضا، لأن قبضها عبارة عن استيفائها، ومعه تخرج عن حد العدم وتصير من قبيل المنافع المستوفاة، وإذن فتكون خارجة عن مركز بحثنا لأن مورد بحثنا هنا إنما هو المنافع الفائتة بغير استيفاء لا المنافع المستوفاة.
والجواب عن ذلك أن القبض يختلف حسب اختلاف الموارد لأنه قد يتحقق بالتخلية بين المال ومالكه، وقد يتحقق بالأخذ، وقد يتحقق بارجاع أمر الشئ إلى شخص، ومن البين أن قبض المنافع غير المستوفاة إنما يتحقق بارجاع زمام العين ورقبتها إلى مالك منافع العين، وهذا المعنى لا يستلزم استيفاء المنافع.
وقال المحقق الخراساني: إن مورده - أي حديث ضمان اليد - وإن كان مختصا بالأعيان إلا أن قضية كونها مضمونة ضمان منافعها، فضمان المنافع في الإجارة الفاسدة إنما يكون بتبع ضمان العين المستأجرة، وبالجملة قضية ضمان اليد ضمان المنافع فيما كانت العين مضمونة بها، فاختصاص مورده بالأعيان لا يوجب اختصاص الضمان بها (1).
ويتوجه عليه أنه إن كان غرضه من هذه العبارة أن مالية الأعيان باعتبار منافعها المرغوبة للعقلاء، فضمان العين يستلزم ضمان ماليتها المتقومة بالمنافع، فهو متين، لأن العين بما هي هي ليست لها مالية بوجه بل ماليتها بلحاظ منافعها، ولكن لا دلالة في ذلك على ضمان المنافع المستوفاة فضلا عن ضمان المنافع غير المستوفاة وهذا واضح، وإن كان غرضه من العبارة المذكورة أن الضمان الأعيان علة لضمان منافعها فهو مصادرة واضحة.