بين ايجاب الهبة وقبولها، ومع ذلك لم يحكم النبي (صلى الله عليه وآله) بفسادها، فيكشف من ذلك عدم اعتبار الموالاة بينهما، وإذا جاز ذلك في الهبة جاز في غيرها لعدم القول بالفصل ظاهرا.
ودعوى أن الهبة في القصة المزبورة هبة معاطاتية وبحثنا هنا في العقود اللفظية دعوى جزافية، إذ لا وجه للتفكيك بينهما في ذلك، كما أن دعوى كون الايجاب من رسول المالك والقبول من النبي (صلى الله عليه وآله) دعوى فاسدة، لأن الظاهر أن الموجب هو نفس المالك لا غيره.
وقال شيخنا الأستاذ: إن جميع هذه الأفعال الصادرة من الواسطة كأنها صادرة من الموجب، فهو بمنزلة من كان في المشرق وكانت يده طويلة تصل إلى المغرب، فمد يده وأعطي شيئا لمن كان في المغرب فإن فعله يتم في زمان وصول يده إلى المغرب (1).
ولكن هذا لا يستقيم للفرق الواضح بين ما نحن فيه وبين المثال المزبور، بداهة أن المهدي - في مورد السيرة - ربما يغفل عن هديته في زمان وصولها إلى المهدي إليه، وعندئذ لا يمكن تنزيل فعل الرسول والواسطة منزلة فعل المرسل، وهذا بخلاف المثال المزبور، فإن المهدي - في ذلك - بنفسه متصد لايجاد العقد وانشائه من دون أن يفصل فاصل بين ايجابه وقبوله، لأن طول اليد لا يخرج الفعل الواحد عن وحدته.
وأيضا يدل على عدم اعتبار الموالاة بين الايجاب والقبول قيام السيرة بين التجار المتدينين على معاملة بعضهم بعضا بالكتابة والبرقية مع تخلل