الانشاء لظهر لنا ذلك وبأن، بل صار بديهيا كالشمس في كبد السماء لكثرة ابتلاء الناس بذلك، بل كان من الوظائف اللازمة على كل متدين بدين الاسلام أن يتعلم الصيغ العربية للعقود والايقاعات، كما أنه يجب على كل مسلم أن يتعلم ما يبتليه من الأحكام الشرعية، ومن الواضح أنه لم يذكر ذلك في شئ من الأدلة الشرعية، نعم يجب التأسي بالنبي (صلى الله عليه وآله) في فعله الصادر منه على سبيل المولوية والتشريع إلا أنه بعيد عن مورد بحثنا.
2 - إن عدم صحة الانشاء بالعربي غير الماضي يستلزم عدم صحته بغير العربي بطريق أولى.
ويرد عليه أن دعوى الأولوية في المقام ممنوعة، إذ لا صلة بين المقامين بوجه، على أنه لا دليل على اعتبار الماضوية في العقود، وستعرفه قريبا.
3 - إن مفهوم العقد لا يتحقق في الخارج إلا بالانشاء بالألفاظ العربية، وعليه فالانشاء بغيرها خارج عن حدود العقد موضوعا.
والجواب عن ذلك أن العربية غير معتبرة في مفهوم العقد بوجه، وليس عليه دليل عقلي ولا نقلي ولا شاهد عليه من العرف واللغة، بل كل ذلك يساعد على صدق مفهوم العقد على المنشأ بغير الألفاظ العربية فيكون مشمولا للعمومات والمطلقات الدالة على صحة العقود ولزومها.
والسر في ذلك ما ذكرناه مرارا من أن حقيقة كل أمر انشائي - من الأوامر والنواهي، والعقود والايقاعات - متقومة بالاعتبار النفساني المظهر بمظهر خارجي، سواء أكان ذلك المظهر فعلا من الأفعال الجوارحية أم كان قولا، وسواء أكان القول عربيا أم كان غير عربي، وإذن