ومع الاغضاء عن ذلك أنه لم يرد في آية ولا في رواية ولم يذكر في معقد اجماع لزوم توقف العقد على القبول لكي يباحث في كيفية ذلك، بل المتحصل من كلمات أهل اللغة، والمتفاهم من محاورات أهل العرف ومحادثاتهم هو أنه لا يتحقق عنوان العقد ولا التجارة عن تراض إلا بين شخصين من غير نظر إلى اعتبار خصوصية خاصة في الصيغة والمبرز.
وعليه فلو أوجد المتعاملان معاملة في الخارج بصيغة بعت - بأن تكلم كل منهما بهذه الصيغة في مقام الانشاء - كان ذلك مشمولا لما دل على صحة العقود ونفوذها من العمومات والمطلقات، إذ يصدق على المنشأ بذلك عنوان العقد وعنوان التجارة عن تراض بالحمل الشايع، فيحكم بصحته ولزومه.
وقد ذكرنا في مبحث المعاطاة أنه إذا وقعت معاملة في الخارج ولم يتميز فيها الموجب عن القابل حكم بكونها معاوضة مستقلة صحيحة لآية التجارة عن تراض وإن لم تدخل تحت أحد العناوين المتعارفة، وهذا واضح لا ستار عليه.
وعلى الجملة أن الحجر الأساسي والركن الرصين - في تحقق عناوين العقود والايقاعات وترتب الآثار عليها في الخارج - إنما هو اعتبارها في صقع النفس واظهارها بمظهر خارجي.
ولا شبهة في أن هذا يصدق عليه عنوان العقد أو الايقاع بالحمل الشايع، فيكون مشمولا لما دل على صحة العقود ولزومها، وبعد هذا لا يهمنا البحث عن الصغريات، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.