ذلك أنما هو مطاوعة الذات للمبدء، وسواء أكان المبدء صادرا من نفس الذات - كالاتجار والاكتساب والاحتطاب - أم كان صادرا من شخص آخر كالابتياع والاتهاب وأشباه ذلك.
وعلى هذا فلفظ اشتريت إن ذكر في الايجاب فتتخذ الذات المبدأ من نفسه، ويدل على تمليك البائع ماله لغيره بعوض معلوم، وإن ذكر في القبول فتتخذ الذات المبدأ من غيره، ويدل على تملك مال غيره بعوض معلوم فيصير بذلك مصداقا للقبول الحقيقي.
وعليه فايجاب البيع بلفظ اشتريت مناسب لمفهومه اللغوي لاستعماله فيه لغة (1) بلا احتياج إلى ابتناء ذلك على كونه من الأضداد كما توهم، ودعوى أنه لا يجوز انشاء الايجاب به لعدم تعارفه بين الناس، دعوى جزافية، لأن مجرد عدم تعارف الانشاء به لا يمنع عن ذلك بعد صحة استعماله في البيع لغة.
ثم إنه إذا جاز الانشاء بلفظ اشتريت فما هو المائز بين استعماله في الايجاب وبين استعماله في القبول.
قال المصنف إن: دفع الاشكال في تعيين المراد منه بقرينة تقديمه الدال على كونه ايجابا، أما بناء على لزوم تقديم الايجاب على القبول، وأما لغلبة ذلك غير صحيح، لأن الاعتماد على القرينة الغير اللفظية في تعيين المراد من ألفاظ العقود قد عرفت ما فيه.
ويتوجه عليه ما ذكرناه سابقا، من صحة الانشاء بكل ما يصح أن يكون مبرزا لما في النفس من الاعتبار وإن كانت مبرزيته بما يقترن به من القرائن الحالية أو المقالية.