الارتكازية التي يعرفها كل أحد، كمفاهيم سائر العقود والايقاعات، إلا أنه لا يوجد مفهوم في العالم إلا ويعرضه الاشتباه في بعض مصاديقه، ومن هنا ذكر المصنف (رحمه الله) في أول كتاب الطهارة أن مفهوم الماء المطلق من أوضح المفاهيم العرفية، ومع ذلك ذكر أنه قد يقع الشك في صدقه على بعض الموارد، لعدم ضبط المفهوم تحقيقا فيرجع إلى الأصول العملية.
وعلى هذا الضوء، فلا بد من بيان حقيقة البيع على وجه يمتاز عن جميع ما عداه، لكي تترتب عليه أحكامه الخاصة، من شرائط المتعاقدين وشرائط العوضين والخيارات وغيرها.
وتحقيق ذلك: أن مفهوم البيع لا يساوق مفهوم المبادلة بين شيئين، بل يطلق البيع على قسم خاص من المبادلة، وضابطه أن امتياز البيع عن بقية أقسام المبادلة بأحد وجهين:
الوجه الأول: أن يكون أحد العوضين متاعا والعوض الأخر نقدا، فالذي يعطي المتاع يسمى بايعا، والذي يعطي النقد يسمى مشتريا، سواء أكان نظر كل من المتعاملين في مبادلتهم هذه إلى تحصيل الربح وحفظ مالية ماله معا، أم كان نظر كل منهما إلى رفع حاجته فقط، كأن يشتري المأكولات للأكل، ويشتري المشروبات للشرب، ويشتري الملبوسات لللبس وهكذا، أم كان نظر أحدهما إلى حفظ مالية ماله وتحصيل الربح معا ونظر الآخر إلى دفع الضرورة والاحتياج فقط.
الوجه الثاني: أن يكون كلا العوضين نقدا أو من العرض ولكن كان نظر أحد المتعاملين من المبادلة إلى حفظ مالية ماله في ضمن أي متاع كان مع تحصيل الربح كأهل التجارة، ونظر الآخر إلى رفع حاجته فقط، فالأول يسمى بائعا والثاني يسمى مشتريا.