الغرر (1)، وعليه فلو أخذ المقرض قبضة من الدراهم المصبوبة بين يديه وأقرضها لشخص من غير علم بمقدارها صح القرض، نعم لا بد للمقترض أن يعرف مقدار ذلك لكي يتمكن من الأداء، إلا أنه أجنبي عن حقيقة القرض.
ومن هنا لا بأس باقتراض الطعام بصخرة مجهولة لامكان الأداء بتلك الصخرة وإن لم يعلم مقدارها إلى الأبد، نعم، ظاهر جمع من الفقهاء في باب القرض وجوب العلم بمقدار القرض وأنه لا يجوز الاقتراض بالكيل والوزن المجهولين.
ولكن ناقش في ذلك بعض الأعاظم ونقل فيه القول بالجواز عن ظاهر جماعة آخرين، بدعوى أن دليل نفي الغرر مختص بالبيع، غاية الأمر أنه يجوز التعدي منه إلى مطلق المعاملات المعاوضية للقطع بعدم الخصوصية للبيع، إذ المناط في النهي عن بيع الغرر إنما هو رفع النزاع وقطع المرافعة، ومن البديهي أن هذا المناط موجود في مطلق المعاملات المعاوضية، وأما القرض فلا دليل على اعتبار نفي الغرر فيه ولا أنه من قبيل المعاملات المعاوضية، لكي يعتبر فيه نفي الغرر من هذه الناحية، وإذن فلا وجه لاعتبار العلم بمقدار القرض.
وهذه المناقشة في غاية المتانة، ولكن يحسن بنا أن نقول:
إن القرض خارج عن موضوع الغرر حتى مع وجود الدليل على نفي الغرر بقول مطلق، لأنا ذكرنا سابقا أن الثابت في ذمة المقترض إنما هو مالية العين المأخوذة قرضا، سواء أكانت تلك العين معلومة المقدار والأوصاف أم كانت مجهولة كذلك، نعم يعتبر العلم بمقدار القرض مقدمة للأداء، ومن الواضح أن ذلك يمكن بعد الاقتراض أيضا.