يعتبر كون الثاني من الأعيان وكذلك الأول، ويمكن الاستدلال على هذا الرأي بوجوه:
1 - ما اشتهر بين الفقهاء من أن البيع نقل الأعيان.
ويرد عليه: أن غرض الفقهاء (قدس سرهم) من هذه العبارة هو المبيع، لأنهم ذكروها في مقابل الإجارة التي هي لنقل المنافع، مع أن الأجرة فيها تكون من الأعيان غالبا، ولعل النكتة في عبارتهم هذه هي ملاحظة ناحية الايجاب، بداهة أن العقد إنما يتم بفعل الموجب، وأما القابل فليس له إلا الارتضاء بذلك الفعل ونسبته إلى نفسه.
2 - إن الأدلة الدالة على صحة البيع ونفوذه إنما هي منصرفة إلى البيوع المتعارفة، ومن البديهي أنه لم يتعارف جعل العوض في البيع من المنافع، وعلى فرض وجوده في مورد فهو من الأفراد النادرة التي تنصرف عنه الاطلاقات.
والجواب عن ذلك: أن مفهوم البيع - على ما عرفته آنفا - تبديل شئ بعوض في جهة الإضافة، ولا يفرق في تحقق هذا المفهوم بين أن يكون كلا العوضين عينا، أو كلاهما منفعة، أو أحدهما عينا والآخر منفعة، ولكنا قد ذكرنا فيما سبق أن المتبادر من الاستعمالات العرفية عدم صدق البيع على تمليك المنفعة، بل يعتبر في تحقق مفهومه أن يكون المبيع عينا، وأما العوض فلم يدل دليل على اعتبار كونه من الأعيان، فيبقى تحت مفهوم البيع وهو تبديل شئ بشئ في جهة الإضافة، فتشمله العمومات الدالة على صحة العقود.
ويضاف إلى ذلك أن غلبة الأفراد الخارجية لا تمنع عن شمول أدلة الامضاء للفرد النادر.
3 - إن المنافع أمور معدومة فلا يقع عليها البيع، ضرورة أن الملكية من