التصرفات في ماله قبل إجازة طرف الآخر أم لا؟
فهذه الجهة فيها جهتان: الأولى في جوازها وعدمها ظاهرا، والثانية في جوازها وعدمها واقعا.
فقد ادعى العلامة الأنصاري عدم جوازه ظاهرا وواقعا على تقدير عدم الإجازة بدعوى:
أن المال بواسطة المعاقدة خرجت عن موضوع جواز تصرف المالك في ملكه، ودخل تحت أدلة حرمة التصرف فيه فلا يجوز له التصرف في ذلك، فإن كان يجيز الآخر فيكون حراما ظاهرا وواقعا وإلا فيكون حراما في الظاهر فقط، ولا يجري هنا أصالة عدم الإجازة لأنه إنما يجري في فرض عدم المنع عن جريانه، والفرض أن دليل وجوب الوفاء قد جري وأوجب ثبوت العقد وعدم جواز تصرف الأصيل في ماله، ومعه كيف تجري أصالة عدم الإجازة.
وفيه أن موضوع وجوب الوفاء إنما هو الالتزام بالملكية لا حصول نفس الملكية، وموضوع عدم جواز التصرف في المال تكليفا نفس الملكية وما لم تحصل لا تشملها حرمة التصرف في مال الغير، إذن فلا معنى لقياس عدم جواز فسخ الأصيل العقد بحرمة تصرفه في العين، فإن موضوع كل منها غير موضوع الآخر.
والعجب منه (رحمه الله) حيث بالغ وحكم بعدم الجواز حتى مع العلم بعدم إجازة الآخر ورده، بل لا بد وأن يرد العقد ثم يجوز للأصيل التصرف في ماله، نعم لو تحقق الامضاء فينكشف منه أن التصرف كان حراما في الواقع.
وهذا من عجائب الكلام، فإنه مع عدم الإجازة فبأي دليل نحكم بحرمة تصرفه في ماله مع كون الناس مسلطون عليه.