الإجازة معدوم فلو قلنا بالنقل للزم تأثير أمر المعدوم أعني العقد في الأمر الموجود أعني الملكية، وقد طبق ذلك بالفلسفة، كما هو دأبه في بعض الفروع الفقهية.
وفيه أولا: أن ما نحن فيه ليس من قبيل العلة والمعلول التأمين بل من قبيل جزء السبب، فيجوز في ذلك تأثير الأمر المعدوم في الموجود في التكوينيات، فإن الأسباب والمعدات للشئ توجد تدريجا وتنعدم، فيترتب عليه المسبب بعد ذلك، كالقتل فإن أسبابه توجد ويترتب عليه الموت بعده مدة، وهكذا غيره، فإذا كان في التكوينيات كذلك فكيف لك انكاره في التشريعيات، نعم في العلية والمعلولية التامتين لا يمكن الانفكاك، كالتحريك بالنسبة إلى تحرك المفتاح، فإن الفصل لا يعقل إلا بتخلل الفاء في اللفظ فقط.
على أنه يرد عليه النقض بالايجاب والقبول، فإن الايجاب قد يتحقق وينعدم إلى زمان القبول، وبالوصية فإنها تنعدم عند الموت، مع أنه لم يستشكل أحد في تأثيرهما في الملكية، بل لازم ذلك انكار شرطية القبض لصحة بيع الصرف والسلم لانعدام العقد إلى زمان القبض فيلزم المحذور.
والحل في الكل إن العقد لا ينعدم بل يبقي اعتبار المتعاقدين إلى الأبد ما لم يطرؤه مزيل، فإنه ليس عبارة عن اللفظ المجرد لينعدم بمجرد الحدوث بل هو الاعتبار النفساني مع المظهر، فيبقي ذلك عندهما وعند العرف، وأما الكشف الحكمي الذي ذكره المصنف وقلنا إذا لم يتم ما ذكرناه من الكشف الحقيقي على النحو الذي سلكناه فلا بد من الالتزام بما ذكره المصنف من الكشف الحكمي، فمعناه كما في المتن اجراء أحكام الكشف بقدر الامكان مع عدم تحقق الملك في الواقع إلا بعد الإجازة،