وبتعبير آخر أن البائع إنما ينشئ التبديل بين الثمن والمثمن في جهة الإضافة في مرتبة واحدة، نعم يشترط رضا المشتري وقبوله لفعل البائع في تحقق عنوان التبديل، ونتيجة ذلك أن التمليكين - تمليك البائع وتمليك المشتري - يتحققان في مرتبة واحدة، وإذن فلا أصالة ولا تبعية في المقام.
وأضف إلى ذلك أنا سلمنا كون التمليك من ناحية البائع أصليا استقلاليا، ومن ناحية المشتري ضمنيا تبعيا، إلا أن اطلاق التعريف شامل لكلا التمليكين، وإذن فلا وجه لصرفه عن الثاني وحصره في الأول.
قيل: إن مفهوم البيع يوجد بالايجاب الساذج، ويتحقق به التمليك والتملك في عالم الاعتبار، وعليه فلا يبقى مجال لتمليك المشتري لكي ينتقض به تعريف البيع، وإذن فلا شأن للمشتري إلا قبول الايجاب من البائع ونسبة فعله إلى نفسه، فتكون منزلة القبول في البيع منزلة الامضاء في المعاملات الفضولية.
وفيه أن قبول الايجاب وإن كان شرطا في البيع لا جزء مقوما له، إلا أن شروط البيع على ثلاثة أقسام:
ألف - أن يكون شرطا لامضاء الشارع.
ب - أن يكون شرطا لامضاء العقلاء.
ج - أن يكون شرطا لأصل الاعتبار، بأن يدور عليه مفهوم البيع وجودا وعدما.
ومن الواضح أن تعقب الايجاب بالقبول من القبيل الثالث، بداهة انتفاء حقيقة البيع بانتفاء القبول، فكما أن التمليك والتملك يستندان إلى البائع كذلك يستندان إلى المشتري.