حيث إن الظاهر من هذا الخبر هو أن ما يرفع أثر المعاملات إنما هو الاكراه بمعنى عدم طيب النفس، وإن لم يتوجه على ترك المكره عليه ضرر، كما في اكراه الأب والأم والزوجة، فيكون أوسع دائرة من الاكراه المسوغ لسائر المحرمات.
ولكن يتوجه عليه:
أولا: إن معنى الاكراه هو حمل الغير على ما يكرهه مع الايعاد على تركه، ولا ريب أن هذا المعنى ينطبق على جميع موارد الاكراه بنسق واحد، من دون فارق بين المعاملات والمحرمات، وعليه فمجرد مقابلة الاكراه مع الاجبار - في الرواية - لا تدل على التفرقة بين المعاملات والمحرمات، بل غاية ما يستفاد منها أن دائرة الاكراه الرافع لأثر المعاملات أوسع من دائرة الاجبار المسوغ للمحرمات، فإنه يتسامح في الأول بما لا يتسامح في الثاني.
ويضاف إلى ذلك أنه لم يذكر في الرواية أن الاجبار يكون في المحرمات فقط، بل المذكور فيها هو بيان الفارق بين السلطان، وبين الأب والأم والزوجة.
وعليه فما ذكره المصنف - في المثال المزبور من بيان المائز بين المعاملات وبين المحرمات - لا يبتني على أساس صحيح، بل كما لا يسوغ مع الاكراه - المذكور في المثال - ارتكاب المحرمات كذلك يحكم معه بنفوذ المعاملات، بديهة أن الاكراه إنما يؤثر في فساد المعاملة إذا كانت المعاملة المكره عليها فاقدة لطيب النفس من ناحية الخوف المستتبع لترتب الضرر على الترك ولم يقدر المكره - بالفتح - على دفعه عادة.