قد استدل على ذلك بوجوه شتى:
الوجه الأول قاعدة نفي الضرر، بدعوى أن تكليف المالك بالصبر إلى أن يعود المال إلى يده ضرر عليه، أو يقال: إن عدم الحكم بضمان البدل ضرر على المالك، أو يقال: إن امتناع الضامن عن أداء البدل ضرر على المالك.
ويرد عليه أن الاستدلال بقاعدة نفي الضرر على اثبات بدل الحيلولة يتوقف على مقدمتين:
الأولى: إن قاعدة نفي الضرر مسوقة لرفع الأحكام الضررية لا رفع الموضوعات الضررية، وقد ذكرنا في محله أن هذه المقدمة صحيحة لا شك فيها.
الثانية: أن يلتزم بأن أدلة نفي الضرر كما تشمل الأحكام الوجودية كذلك تشمل الأحكام العدمية أيضا، أي كلما توجه ضرر على المكلفين من ناحية حكم الشارع بشئ أو عدم حكمه به فأدلة نفي الضرر تقتضي ارتفاع الحكم في الأول وجعله في الثاني.
وهذه المقدمة مخدوشة بما ذكرناه في محله، وحاصله أن أدلة نفي الضرر ناظرة إلى نفي الضرر في عالم التشريع، أي الضرر الناشئ من تشريع الأحكام في الشرع المقدس الاسلامي، وعليه فتلك الأدلة غير ظاهرة في تدارك الضرر المتوجه على المكلفين من غير ناحية تشريع الحكم الشرعي، وإلا فيلزم الحكم بوجوب تدارك الضرر المتوجه على أحد المسلمين من بيت المال أو من أموال سائر المسلمين.
وحينئذ فلا يمكن التمسك بالقاعدة المزبورة لاثبات بدل الحيلولة، وبعبارة أخرى أنه لا استحالة في حكومة قاعدة نفي الضرر ثبوتا وامكانا