أولا: إن الحديث المزبور ضعيف السند وغير منجبر بشئ، وقد عرفته فيما تقدم (1).
ثانيا: أنه لو جاز التمسك به - هنا - لما يفرق فيه بينما كانت مدة التعذر قليلة وبينما كانت مدته طويلة، مع أن الفقهاء لم يلتزموا ببدل الحيلولة في الصورة الأولى.
ثالثا: إنا ذكرنا في مبحث المقبوض بالعقد الفاسد أن قاعدة ضمان اليد إنما تدل على ثبوت العين في عهدة الغاصب بجميع خصوصياتها الفردية والصنفية والنوعية التي هي دخيل في المالية، وذكرنا أيضا أن فقدان أية خصوصية من تلك الخصوصيات لا يوجب اضمحلال غيرها.
وعليه فإذا كانت العين موجودة لزم على الغاصب ردها مع تلك الخصوصيات بأجمعها لاستحالة أدائها بدون تلك الخصوصيات، وإذا تلفت حقيقة كالاحتراق ونحوه، أو صارت في حكم التلف في نظر أهل العرف كالسرقة والإباق والاغتراف والضياع وأشباهها مما يوجب اليأس عن الوصول إليها إذا كان كذلك أنتقل الضمان إلى المثل، وإذا تعذر المثل أيضا مع مطالبة المالك حقه وجب على الغاصب أداء القيمة أعني بها المالية الخالصة، ووقتئذ لا يجوز للمالك مطالبة المثل ولا مطالبة العين بعد ارتفاع المانع عن الوصول إليها، وإلا يلزم الجمع بين العوض والمعوض.
وهذا بخلاف ما إذا لم يوجب التعذر التحاق العين بالتالف، فإنه حينئذ ليس للمالك مطالبة البدل ولا للغاصب أداء غير العين المغصوبة إلا مع التراضي، نعم يجوز للمالك أن يطالب بالمنافع الفائتة فيكون المأخوذ بإزاء تلك المنافع بمنزلة الأجرة للعين في مدة غيابها عن المالك،