وفصل شيخنا الأستاذ بين ما إذا كانت المؤونة مما يقتضيها طبع الرد فهي على القابض وبين غيره فهي على المالك (1).
وتوضيح كلامه: أن الحكم الشرعي إذا اقتضى في نفسه وبحسب جعله مقدرا من الضرر، نظير وجوب الخمس والزكاة والصوم والجهاد وأمثالها من الأحكام الشرعية، كان الحكم المذكور تخصيصا لقاعدة نفي الضرر، وإذا كان الضرر زائدا على المقدار الذي يقتضيه طبع الحكم الشرعي لم يكن ذلك تخصيصا لأدلة نفي الضرر، بل أدلة نفي الضرر تكون حاكمة على دليل ذلك الحكم وموجبا لاختصاصه بغير موارد الضرر، وعلى هذا الضوء فإن كانت مؤونة الرد بمقدار ما يقتضيه طبع رد المال إلى مالكه فهي على القابض، وإن كانت زائدة على ذلك فيه على المالك لأدلة نفي الضرر.
ويرد عليه أن وجوب الرد في نفسه لا يقتضي أي ضرر، إذ قد يكون الرد غير محتاج إلى المؤونة أصلا، فالمؤونة أمر قد يحتاج إليه الرد وقد لا يحتاج إليه ذلك، وإذن فدليل نفي الضرر يقتضي اختصاص وجوب الرد بما لا يحتاج إلى مؤونة.
ومن هنا تظهر الحال في تفصيل المصنف - أيضا - فإن تحمل الضرر مرفوع في الشريعة المقدسة، ولا فرق بين قليله وكثيره، نعم لا بأس بالالتزام بكون المؤونة على القابض فيما إذا كانت المؤونة من القلة بمرتبة لا تعد ضررا عرفا، ولعل هذا هو مراد المصنف من التفصيل الذي نقلناه عنه قريبا.