ومن الظاهر أن الحكم بعدم ضمان القابض لما قبضه بالعقد الفاسد ضرر على المالك فينفي بأدلة نفي الضرر.
والجواب عن ذلك:
أولا: أنه لا دلالة في هذه الروايات على الضمان - هنا - سواء أريد منها نفي الحكم الضرري بداءة كما عليه المصنف، أم أريد منها نفي الحكم الضرري بلسان نفي موضوعه كما عليه جمع من المحققين.
والوجه في عدم دلالتها على ذلك هو ما ذكرناه في محله من اختصاص أدلة نفي الضرر برفع الأحكام المجعولة في الشريعة، أما إذا كان الضرر ناشئا من عدم جعل حكم - كالضمان في المقام - فأدلة نفي الضرر لا تفي بنفيه ليثبت الجعل الشرعي أي الضمان.
ثانيا: أن محل الكلام - في المقام - هو الضمان بالبدل الواقعي، فإن الضمان بالمسمى غير ثابت قطعا، وعليه فتقع المعارضة في شمول أدلة نفي الضرر لكلا الطرفين، إذ قد يزيد البدل الواقعي على المسمى بكثير، ووقتئذ الحكم بضمان القابض له مع عدم اقدامه عليه بوجه يوجب تضرره لا محالة.
ثالثا: إن هذه الروايات لو دلت على الضمان فإنما تدل عليه في موارد الاتلاف، أو في موارد استيفاء المنافع، أو فيما كان العمل بأمر الآمر، أما في فرض التلف السماوي - مع تحفظ القابض عليه - فلا موجب لاضراره دفعا لتضرر المالك.
وعلى الجملة أنه لا دلالة في شئ من الوجوه المتقدمة على الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد، نعم الدليل على الضمان - هنا - إنما هو السيرة، فإنها قائمة على ضمان اليد في أمثال ذلك ولم يثبت ردعها من ناحية الشارع المقدس، وسيأتي تفصيل ذلك في الوجه الآتي.