دينا في ذمة أحد المتعاطيين حكم بلزوم المعاطاة على القول بالإباحة، كما حكم بلزومها أيضا على القول بالملك، ولكن هذا التوهم فاسد، بداهة أن كون الإباحة موجبة لسقوط ما في الذمة من الدين لا يزيد على التلف الحقيقي - على القول بالإباحة - وقد عرفت قريبا أن المصنف لم يلتزم باللزوم في فرض التلف الحقيقي - على القول بالإباحة - بل التزم بجريان أصالة السلطنة في العين الباقية والرجوع إلى البدل الواقعي في العين التالفة.
والمظنون قويا أن غرض المصنف من تنزيل القول بالإباحة - هنا - على القول بالملك هو أن الإباحة توجب سقوط الدين، كما أن التمليك يوجب سقوطه.
وقد ناقش فيه شيخنا الأستاذ بأن: إباحة الدين على من هو عليه لا يستلزم السقوط، لأن كون الدين مباحا لمن عليه الدين معناه أنه تجوز له التصرفات فيه باسقاطه عما في ذمته والمصالحة عليه وسائر أنحاء التصرفات الجائزة على القول بالإباحة، فيرجع مالك ما في الذمة إلى ملكه الذي أباحه لمن عليه لعموم الناس مسلطون وسائر الأدلة.
ثم أجاب عن هذه المناقشة بأن: الإباحة التي هي محل البحث في باب المعاطاة ليست بالمعنى الذي حملها عليه صاحب الجواهر، من أن إفادة المعاطاة الإباحة إنما هو فيما إذا كان قصد المتعاطيين الإباحة، بل المراد منها التسليط المالكي على التقريب المتقدم، فإذا أوجدا مصداق التسليط فلا فرق بينه وبين الملك، فكما أنه لا يعقل أن يتملك الانسان ما في ذمته فكذلك لا يمكن أن يكون مسلطا عليه، فنتيجة التسليط أيضا السقوط والتلف والتالف لا يعود (1).