والعمل بالطائفة الأولى، لأن الطائفة الأولى موافقة للكتاب والسنة بخلاف الطائفة الثالثة، فإنه قد ثبت بالعمومات من السنة والكتاب لزوم العقد، والقدر المتيقن من رفع اليد عن هذا اللزوم هو ثبوت الخيار للمشتري.
وأما ما دل على ثبوته للبايع فمع قطع النظر عن ابتلائه بالمعارضة كان مخصصا للعمومات، وحيث ابتليت بالمعارضة فإنه لا بد من رفع اليد عن ذلك، لكونها مخالفة للعمومات الكتاب والسنة..
المسألة (2) عدم الفرق بين الأمة وغيرها في مدة الخيار قوله (رحمه الله): مسألة: لا فرق بين الأمة وغيرها في مدة الخيار.
أقول: قد ذكر في الغنية (1) أن مدة خيار الأمة مدة استبرائها، وحكم غير واحد من القدماء بضمان البايع لها مدة الاستبراء.
وتوهم بعضهم ملازمة ذلك مع ثبوت الخيار للمشتري، ولكن لا نعرف وجها صحيحا لكلا الحكمين، أي الحكم بثبوت الخيار مدة الاستبراء والحكم بضمان البايع.
أما الأول فلأنه لا ملازمة بين القول بثبوت الخيار للمشتري وبين كون ضمان الأمة على البايع في مدة الاستبراء، إذ لم تثبت الملازمة بين ضمان شخص وبين ثبوت الخيار لطرفه، بل الملازمة بالعكس، فإنه ثبت أن من له الخيار ضمان ماله على من لا خيار له، وأما في كل مورد ثبت الضمان نحكم بثبوت الخيار لطرفه فهو بلا وجه أصلا، فإن كثيرا ما يثبت الضمان ولا يكون خيار لطرفه، كما إذا كان المنشأ للتلف شيئا آخر.