الصحيح في تعريف الخيار وعلى الاجمال فالأحسن أن يقال في تعريف مطلق الخيار هو ما يرجح به أحد طرفي الممكن على الآخر، سواء كان هناك مرجح آخر أم لم يكن، ويكون في مقابل الاضطرار، فإن الفاعل المضطر مجبور إلى اختيار أحد طرفي الممكن الذي اضطر إليه، ولا يبقى معه اختيار في الترك والانتقاء والاصطفاء.
وبهذا المعنى الواحد يستعمل في جميع الموارد، وإن كان هنا اختلاف فإنما هو من ناحية المتعلق، وبيان ذلك:
إن الخيار قد يتعلق بالأفعال الخارجية كالأكل والشرب وغيرهما، فيختار الفاعل إما الترك أو الفعل، فيرجح باختياره أحد الطرفين على الطرف الآخر، وقد يتعلق بالأعيان الخارجية، فيرجح المختار أحد الشيئين أو الأشياء على الآخر فيأخذه خيرا لنفسه، وقد يتعلق بدفع العقود عن الانتساب إلى نفسه ورده عن الاتصال إليه من غير أن ينضم إليه قبل ذلك شئ، وهذا كاختيار المالك رد عقد الفضولي واختيار العمة والخالة عقد بنت الأخ وبنت الأخت.
وقد يتعلق بفسخ العقد وابقائه، وهو على قسمين، فإنه تارة يجتمع مع الخيار الآخر المتعلق باقرار العقد وعدمه، وأخرى لا يجتمع معه، بل لا يمكن أن يقترنه لحكم الشارع بعدم لزوم العقد إلى الأبد، والثاني هو الخيار في العقود الجائزة التي كانت جائزة بحسب الطبع، والأول هو المراد من الخيارات المصطلحة، فإن في مواردها قد ثبت لذي الخيار خياران: أحدهما ملك فسخ العقد وابقائه على حاله، والثاني ملك اقرار العقد باسقاط الخيار وعدم اقراره.