قبله بل مكنه من الأخذ وتركه المشتري عند البايع ليجئ بالثمن فلم يجئ فتلف المبيع لتأخيره.
وعليه فلا يختص الحكم بما يفسد ليومه بل يجري فيما يفسد من ساعته أو نصف يوم أو يومين فإن السيرة الدالة على ضمان البايع قبل القبض لا يجري في ذلك كله بوجه.
وعلى هذا فهل يثبت الخيار للبايع هنا من جهة تأخير الثمن، بأن يفسخ المعاملة ويبيع المبيع من شخص آخر، لأنه يحتمل أن لا يجئ بالثمن أصلا، فإذا تلف المبيع فيذهب ماله هدرا، خصوصا إذا لم يعرف المشتري لكونه غريبا أو لا يتمكن من أخذ الثمن منه، أوليس له خيار؟
يمكن أن يقال بثبوته له من جهة السيرة أيضا، بدعوى أنها جارية على حفظ المالية في المبادلات، وإنما وقعت المبادلة بين المالين، فإذا كان مال البايع في معرض التلف والزوال فلا يبعد قيام السيرة وبناء العقلاء على ثبوت الخيار للبايع لئلا يتضرر بذهاب ماله، فالخيار حينئذ يكون ثابتا بالسيرة، فتكون حكمته نفي الضرر، ومع عدم الجزم بهذه السيرة فاثبات الخيار مشكل جدا.
اثبات هذا الخيار بالسيرة ببيان آخر ويمكن اثبات الخيار بالسيرة أيضا، ولكن ببيان آخر حاصله: أن المعاملة الواقعية بين المشتري والبايع حينئذ ليست بنسيئة، غاية الأمر أن المشتري استمهل من البايع أن يتأخر بالاتيان بالثمن على هذا، فالمتبايعان قد اشترطا في المبيع من الأول ضمنا بحسب بناء العقلاء وارتكازهم وسيرتهم أنه يجب على كل من المتبايعين اعطاء العوض للآخر.