ذلك من العمومات الدالة على اللزوم، فلولا المعارضة بين الروايات لأخذنا بصحيحة محمد بن مسلم ونخصص بها العمومات، ولقلنا بعدم لزوم البيع بالنسبة إلى المتبايعين في بيع الحيوان لثبوت الخيار للمتبايعين، كما أنها خصصت بثبوت خيار المجلس لهما كما لا يخفى، ولكن لأجل المعارضة لا يمكن الأخذ بها، فلا بد من الأخذ بما هو موافق للكتاب كما لا يخفى.
وإذن فلا بد من رفع اليد عن صحيحة محمد بن مسلم مع جلالته وعظمته لقانون المعارضة، ويؤيد ذلك اعتضاد ما دل على اختصاص الحكم بالمشتري بالشهرة، بل قيل إن رواية محمد بن مسلم قد أعرض عنها الأصحاب ولم يعمل بها إلا السيد المرتضى.
وقد يقال بتأويل رواية محمد بن مسلم، بأن المراد منها هو ثبوت الخيار للمشتري، وحيث إن البايع طرف له ويقع الخيار بينهما، ولذا قيل: المتبايعان بالخيار، ولكنه تأويل بارد وعلى خلاف الظاهر، بل خلاف الصراحة منها، فلا يمكن حمل الصحيحة عليه، فإنه حمل بلا وجه.
وقد يقال بأن المراد من الصحيحة هو صورة كون العوضين حيوانا، بأن يكون كل من الثمن والمثمن حيوانا، فإنه حينئذ يكون كل منهما ذي خيار.
ولكن يرد عليه أولا: أنه خلاف ظاهرها بل خلاف صراحتها.
وثانيا: إن حملنا الصحيحة عليه هذا الاحتمال لزم أن يهمل الإمام (عليه السلام) حكم ما هو الغالب، فإن الصحيحة على هذا يتعرض حكم بيع غير الحيوان بقوله: وفي غير الحيوان حتى يفترقا، وأيضا تعرض حكم البيع الذي اشتمل على كون كل من العوض والمعوض حيوانا، ولكن أهمل ما هو الغالب، أعني ما يكون المبيع حيوان، فهو بعيد غايته.