فتدل الآية على أن الأصل في العقود هو اللزوم بالالتزام، وقد حقق في محله أن الدلالات الالتزامية حجة في باب الألفاظ.
ومنه يظهر وجه الاستدلال على اللزوم باطلاق حلية أكل المال بالتجارة عن تراض، فإنه يدل على أن التجارة سبب لحلية التصرف بقول مطلق حتى بعد الفسخ، فتدل هذه الآية أيضا على أصالة اللزوم بالالتزام، فإن لازم جواز التصرف حتى بعد فسخ أحد المتعاملين هو لزوم العقد وعدم انحلاله بالفسخ، وإلا لكان التصرف بعد الفسخ حراما كما لا يخفى.
اشكال الشيخ (رحمه الله) على الاستدلال بهذين الوجهين وقد أشكل المصنف (رحمه الله) على الاستدلال بالآيتين على أصالة اللزوم، وأوضحه شيخنا الأستاذ، وحاصله: أن التمسك بالاطلاق إنما يفيد إذا كان الشك في قيود الموضوع وحالته وأنحائه، مثلا إذا قال المولى:
جئني بالماء، فتمسك باطلاق كلامه بالنسبة إلى حالات الماء، ونحكم بجواز اتيان أي ماء بحيث صدق عليه الماء، كما يمكن أن يكون الحكم بالنسبة إلى حالات الموضوع مقيدا أيضا.
فالمقصود أن الاطلاق والتقييد في الحكم إنما هو بالنسبة إلى حالات الموضوع فقط، وأما بالنسبة إلى حالات الحكم أو رافعه فلا يمكن أن يكون الحكم مطلقا أو مقيدا، كما أن الأحكام الثابتة على الأشياء بعناوينها الأولية لا اطلاق لها بالنسبة إلى العناوين الثانوية.
والسر في ذلك أن المحكوم عليه ليس ناظرا إلى نفسه، فضلا عن أن يكون مطلقا بالنسبة إلى حاكمه.
وفي المقام إذا كان الفسخ مؤثرا فإنما هو يؤثر في رفع نفس الحلية،