بيان آخر في تبيين المناط في جريان خيار الشرط وبعبارة أخرى أن الشروط على ثلاثة أقسام:
1 - أن يكون مرجعه إلى جعل الخيار للمشروط له، كاشتراط الأوصاف في المبيع مثلا الخارجة عن القدرة، كما إذا باع عبدا فشرط المشتري على البايع كونه كاتبا، فإن كونه كاتبا ليس في قدرة البايع، فإذا ظهر غير كاتب فليس للمشتري إلزامه بكونه كاتبا، وهكذا في جميع الأوصاف غير الاختيارية، غاية الأمر فيثبت للمشروط له خيار تخلف الشرط، فله أن يرضى بالمبيع الفاقد للوصف وله أن يفسخ العقد ويرجع الثمن.
2 - أن يكون متعلق الشرط أمرا اختياريا، كما إذا اشترى أحد شيئا وشرط في ضمنه أمرا مقدورا للبايع، كخياطة ثوبه وبناية داره أو نجارة بابه، ونحو ذلك من الأمور المقدورة للبايع، وفي مثل ذلك فالشروط مجمع للأمرين: إلزام المشروط عليه بالوفاء بالشرط ومع عدم الوفاء ثبت له خيار تخلف الشرط، فله أن يرضى بالعقد بدون الشرط وله أن يفسخ العقد.
3 - أن يشرط أحد المتعاقدين على الآخر شرطا في العقد الذي لا يجري فيه الخيار إلا فيما عينه الشارع بدليل خاص كعقد النكاح، فإنه لا يجري فيه الخيار إلا بالأسباب التي عينها الشارع بدليل خاص، فمقتضى الشرط هنا ليس إلا تعليق الالتزام العقدي على الالتزام الشرطي، فلا شبهة في جواز التعليق حينئذ، فإن المعلق عليه وهو التزام المشروط عليه حاصل، والتعليق إنما يضر إذا كان متعلقه مشكوكا وليس كذلك، فما هو باطل هو الثاني دون الأول، فإن مورد المتيقن من الاجماع هو الثاني، وأما الأول فالتعليق على نفس وجود المبيع مثلا.