البينة على أنه كان مشغولا بأمور أخر أو كان مصابا من جهات قد وقع من اختلال الأفكار ولم يدر أنه أي شئ فعل، وكذلك لا نسلم كون المقام مما لا يعلم إلا من قبله.
وبالجملة فأصل الغفلة وإن كان أمرا نفسيا لا يعلم إلا من قبل الشخص ولكنها معلومة للغير أيضا بحسب الآثار، كسائر الملكات والأفعال والصفات النفسانية كالعدالة والعلم ونحوهما، وهذا لا شبهة فيه، وأين هذا مما يتعسر عليه إقامة البينة أو لا يعلم إلا من قبله.
الصورة الثانية: الاختلاف في زيادة القيمة ونقصانها وأما إذا كان الاختلاف في زيادة القيمة ونقصانها وكان منشؤه أي أمر من الأمور المذكورة من الزمان أو المكان أو التغير، فنقول:
1 - قد يكون الاختلاف في زيادة الثمن ونقصانه من حيث الاختلاف في أصل قيمة الشئ مع اتفاقهما على ما وقع عليه العقد، كما إذا اتفقا على أن العقد وقع على خمسين ولكن يدعي المشتري أن قيمته ثلاثين فحصل فيه الغبن، ويدعي البايع أن قيمته خمسين فلا غبن فيه مع اتفاقهما على أن العقد قد وقع على خمسين، وهذا يكثر وقوعه في الأشياء التي يقل وجودها في السوق بحيث تخفى قيمته على المتبايعين كالجواهر ونحوها، وإلا فيعرضون المتاع للسوق ويكشفون عن قيمتها.
2 - أن يكون الاختلاف فيما وقع عليه العقد، بأن يدعي المغبون أن العقد قد وقع على خمسة وعشرين والعين تساوي عشرة، فله حق الفسخ فيفسخ العقد في خمسة وعشرين، وأما العشرة فلم يقع عليه العقد، ويدعي البايع أن العقد قد وقع على عشرة فلا غبن حتى يثبت للمشتري خيار الغبن.