وعليه فالشرط الضمني في كل عقد البيع موجود على بقاء المعاقدة على حالها، ولا ينفسخ العقد بفسخ كل منهما كيف شاء وفي أي وقت أراد، وليس لأحد من المتبايعين أن يرجع إلى الآخر بعد مدة ويسترجع العوض منه بفسخ العقد، وإلا لما استقر نظام المعاملات، ولا أظن أحد ببقاء أمواله تحت يده، وإن مضى على بيعه وشرائه سنين متمادية وقرون متوالية، فإن العقد الجائز قابل الانهدام ولو بعد سنين، وحينئذ لا يستقر تملك الملاك في متملكاتهم المبتاعة من الغير، واختلت تجارة التجار ونظام الاكتساب كما هو واضح.
عدم امكان احراز لزوم العقد أو جوازه بالأصل نعم هذا يتم في البيع فقط، وأما في غيره كعقد السبق والرماية مثلا فلا يتم فيه ذلك مع الشك في جوازه ولزومه، إذ لم نحرز كون بناء العقلاء في غير البيع ونحوه كالنكاح مثلا على اللزوم حتى يعتبر اللزوم بالشرط الضمني كما لا يخفى.
ولذا ذكر المصنف أن الأصل بهذا المعنى إنما ينفع مع الشك في ثبوت خيار في خصوص البيع، لأن الخيار حق خارجي يحتاج ثبوته إلى الدليل، أما لو شك في عقد آخر من حيث اللزوم والجواز فلا يقتضي ذلك الأصل لزومه.
ثم ذكر المصنف (رحمه الله): ومن هنا ظهر أن ثبوت خيار المجلس في أول أزمنة انعقاد البيع لا ينافي كونه في حد ذاته مبنيا على اللزوم، لأن الخيار حق خارجي قابل للانفكاك، نعم لو كان في أول انعقاده محكوما شرعا بجواز الرجوع بحيث يكون حكما فيه لاحقا مجعولا قابلا للسقوط كان منافيا لبنائه على اللزوم.