ومن هنا ظهر الحال في قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض (1) بل الأمر فيه أوضح، فإن المراد من قوله تعالى في المستثنى منه: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل (2) ليس هو الأكل بمعنى الازدراد، لأنه إنما أضيف إلى الأموال.
ومن الواضح أن المأكولات بالنسبة إلى غيرها كقطرة من البحر، فبمناسبة الحكم والموضوع فلا بد وأن يراد منه التملك بأخذ الأكل كناية عنه، كما هو المستعمل في ذلك كثيرا حتى في العرف الحاضر، وقد استعمل الأكل بمعنى التملك في الكتاب الكريم في غير هذا المورد أيضا، كقوله تعالى: وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم (3).
وعلى هذا فمعنى الآية أن تملك أموال الناس بأي سبب من الأسباب حرام وغير جائز شرعا، إلا أن يكون التملك بسبب، وهو التجارة عن تراض فإنه جائز، وحلال في الآية ناظرة إلى أصل جواز التملك، وأما التصرفات المترتبة على التملك فخارجة عن حدود الآية بالكلية فضلا عن دلالتها على أصالة اللزوم.
بيان آخر لما يستدل به على اللزوم والحاصل أنه استدل المصنف بآية حل البيع على لزوم العقد، بدعوى أنها تدل بالمطابقة على حلية مطلق التصرفات حتى التصرفات الواقعة بعد الفسخ، ومن الواضح أنه لو كان الفسخ مؤثرا في حل العقد