ثم إن هنا قسما آخر من النقيصة الذي لم يتعرض له المصنف، ولعله كان من جهة الوضوح، وهو أن النقصان قد يكون حكميا بمعنى يكون نقصان في القيمة السوقية وهذا لا يدخل تحت الضمان بوجه، فإن مقتضى ضمان اليد هو ارجاع العين على النحو الذي أخذت من المالك، ومن الواضح أن العين إذا ردت كذلك يسقط الضمان عن ذي اليد، وأما تفاوت القيمة فلا يدخل تحت الضمان كما هو واضح، فافهم.
وأما إذا كان التصرف موجبا للزيادة، فقد تكون الزيادة حكمية، بأن يكون التفاوت في زيادة القيمة السوقية، وهذا لا يوجب الضمان أيضا، كما كان لا يوجب في طرف النقيصة فليس للغابن أن يرجع إلى المغبون بزيادة القيمة، فإن مقتضى قاعدة اليد هو ضمان العين بجميع خصوصياتها الدخيلة في ماليتها، والمفروض أنها رجعت كذلك.
وأما زيادة القيمة السوقية كنقصانها فلا تدخل تحت الضمان، فلا مقتضى للضمان هنا أصلا لا زيادة ولا نقيصة كما لا يخفى.
إذا فسخ المغبون ورجع إلى العين وإذا فسخ المغبون ورجع إلى العين فليس للغابن أن يدعي أن العين قد زادت قيمتها، وأن ترد الزيادة لعدم كون المغبون ضامنا لهذه الزيادة، وأنه أخذ العين على النحو الذي كان دفعها إلى الغابن مع الخصوصيات الدخيلة في المالية، فزيادة القيمة أو نقصانها بحسب السوق ليست من تلك الخصوصيات، فافهم.
وإن كانت الزيادة في الأوصاف التي لا تكون دخيلة في المالية أصلا كما تقدم نظيره في طرف النقيصة أيضا كقصارة الثوب أو غسله وصفاء الذهب بأن نظفه فصار نظيفا، وهكذا فمثل هذه الزيادة أيضا لا شئ عليها كما لا شئ على مثلها في طرف النقيصة.